عدد المساهمات : 164 نقاط : 418 تاريخ التسجيل : 23/10/2009 العمر : 53 الموقع : نادي ماري العام
موضوع: مقال عن اللغة النوبية الأحد أكتوبر 25, 2009 2:10 pm
بمبادرة من الدكتور عبد الرحمن أقرع (مدير عام منتديات النخبة) للتعرُف والتعرِيف بلغات الأقليات المتواجدة في العالم العربي ، أو المتكلمة بالعربية كلغة رسمية ، تم إعداد هذا المبحث المختصر في بادرة ثقافية رائدة إن شاء الله للمواقع العربية للاهتمام بثقافات الأقليات المنتمية للعروبة .
لماذا اللغة النوبية ؟ اللغة النوبية هي أقدم لغة متكلمة ومكتوبة حتى تاريخنا هذا بعد اندثار اللغة الفرعونية واللغة القبطية . الموسوعة العالمية تُعرِّف اللغة النوبية : هي لغة نيلية صحراوية من الفرع السوداني الشرقي في جنوب مصر وشمال السودان، وكان معظم الناطقين بها يسكنون في وادي النيل في ما أصبحت بحيرة ناصر بعد بناء السد العالي جنوبي أسوان. وعدد الناطقين بها حوالي مليون نسمة. بين القرن الثامن والقرن الخامس عشر م، كان النوبة يكتبون لغتهم بالأبجدية القبطية بإضافة بعض الحروف. لكن الآن لا يكتبونها إلا قليلاً، ومن يكتب النوبية يكتبها بحروف عربية أو لاتينية.
أين تقع بلاد النوبة ؟ أطلق المصريون القدماء على جنوب مصر اسم (كوش) أولا، وكوش في الأصل كوشا بن حام بن نوح ومن المعروف أن حام هو جد الأفارقة السودانيين ، وسماها اليونانيون (أثيوبيا) وقامت جنوب مصر مملكة كوش الشهيرة والتي نشأت تقريبا قبل سبعة آلاف سنة . أما أول إشارة لإسم النوبة والنوباد فقد ظهر في كتاب الجغرافي اليوناني اراتوسينس (200 ق.م) ثم في كتابات سترايو وبلني . كما جاء ذكر النوبة في نقش عيزانا ملك اُكسوم الذي غزا مملكة مروي في عام 350 م ، وهي في اللغة النوبية تعني (الذهب) وذلك لإمتداد عرق الذهب في تلك المنطقة .
من أين أتت اللغة النوبية ؟ لقد كان شعب وملوك نبته يتحدثون ويكتبون باللغة المصرية ، ثم عندما برزت مملكة مروي إلى الوجود حوالي القرن السادس قبل الميلاد بدأ الشعب في التحدّث والكتابة باللغة المروية ، ولكن يبدو أن سكان مملكة مروي في الفترة التي سبقت إضمحلالها كانوا يتحدثون لغتين ، اللغة الرسمية وهي المروية واللغة الشعبية وهي النوبية . ثم سيطرت اللغة النوبية وبدأت المروية في الإضمحلال والزوال. وتقول بعض المصادر أن اللغة النوبية جلبتها معها هذه القبائل التي اختلطت بالسكان الأصليين في مملكة مروي ، ثم نزحت شمالا واختلطت بالسكان الذين سمّاهم (عيزانا ) في نقشه بالنوبيين الحمُّر ، ومن المعروف أن اللغة النوبية تتمتع بخمس لهجات مختلفة في مفرداتها ومعانيها ، وتتوزع جغرافيا كالتالي : 1-المحسية (أي "نبـيـن") والفاديجا. أصلها شمال السودان ثم مستقر الهجرات . 2-الدنقلاوية (قرب مدينة دنقلة) والكنزية في مصر . 3-الميدوبية في جبل ميدوب في دار فور . 4-لهجة البرقد قرب نيالا (منقرضة) في جنوب غرب السودان. 5-لهجات جبال النوبة . جبال النوبة جنوب السودان . النوبية العتيقة (في القرون الوسطى)، وأشهر المخطوطات فيها "معجزات القديس مينا"
هل اللغة مهددة بالإنقراض ؟ انقرضت بعض اللهجات النوبية بالفعل والبعض الآخر مهدد بالإنقراض ، وإن كان ذلك بفعل عملية التعريب القسرية التي تشهدها بلاد النوبة أو سبب التهجير والشتات الذي عانى منه النوبيون ، وإن كان من بصيص أمل في إحياء اللغة من جديد ، بعد النهضة التي شهدتها المنطقة بالاهتمام بها من الشباب المثقف والمستنير والذي بدأ بتشكيل تجمعات ومراكز ثقافية نوبية منذ عقدين من الزمان بالإضافة إلى الروابط الجامعية ، وكورسات لتعليم اللغة النوبية بالحروف القديمة ، ومحاولات الكتابة والترجمة باللغة النوبية وبالحروف النوبية والعربية أو اللاتينية . كما تشهد المنطقة اهتماما من علماء التاريخ والبحاثة واللغات لا سيما الألمان ، والذين اهتموا بالتاريخ السوداني القديم لا سيما المروي منه .
ماذا عن الحرف والكتابة النوبية؟ عندما دخل النوبيون في الدين المسيحي في حوالي القرن السادس الميلادي واحتاجوا إلى ترجمة الإنجيل إلى لغتهم ، قاموا باستعارة الحروف القبطية التي كان الأقباط في مصر قد استعاروها بدورهم من الحروف اليونانية وأضافوا إليها حروف من اللغة الديموطيقية ، وأصبحت بذلك اللغة النوبية لغة قراءة وكتابة بعد أن كانت لغة تخاطب فقط .
ما هو أثر اللغة العربية على اللغة النوبية ؟ لقد تأثرت اللغة النوبية بالعديد من اللغات مثل المروية والمصرية القديمة والقبطية واليونانية وأخيرا العربية كلغة رسمية في الدولة (مصر والسودان) . تم فتح مصر عام 640م بقيادة عمرو بن العاص بأربعة آلاف جندي في ظرف خمسة أشهر فقط في حين أنه حاول فتح بلاد النوبة لمدة عشر سنوات من عام «640 -650م» فلم يستطع لشهرة النوبيين برماة الحدق. بدأ العنصر العربي التوافد في بلاد النوبة منذ القرن الثالث الهجري عن طريق ممارسة التجار العرب نشاطاً تجارياً فقد أثبتت الأبحاث الأثرية أن جاليات عربية قد استقرت فيها ووضح أثرها في القرن الثالث الهجري وقد عثر في بعض الأماكن بأرض مريس على كثير من الكتابات العربية يرجع تاريخ أقدمها إلى (217 هـ 813 م) . إن اللغة العربية تأخرت في انتشارها وحتى في مصر انتشر الدين الإسلامي واللغة العربية بعد 500 سنة حيث كانت اللغة السائدة هي اللغة القبطية ، أما في النوبة فان اللغة العربية وتعاليم الدين الإسلامي كانت تتم عن طريق التجار العرب ولكن الانتشار الحقيقي للإسلام كان في عهد الفاطمية فعندما فتح المعز لدين الله الفاطمي مصر اتجه إلى النوبة واختار احد الكنوز(قبيلة نوبية) كداعية إسلامي ملم باللغة النوبية هو عبد الله بن احمد بن سليم الأسواني ، والعصر الفاطمي شهد قيام إمارة عربية نوبية اتخذت مدينة أسوان مركزا لها . من الهجرات العربية التي اندفعت إلى النوبة في العصر المملوكي هجرة جهينة وهي واحدة من خليط القبائل العدنانية والقحطانية وبطونها المختلفة، والهجرات هي صاحبة الفضل الأول في انتشار الإسلام ومن ثم اللغة العربية في بلاد النوبة وان كان الانتشار تم بشكل بطيء واستغرق وقتا طويلا منذ حملات عمرو وعبد الله بن سعد بداية القرن الرابع عشر الميلادي واكتملت ظاهرة انتشار الإسلام في القرن الخامس عشر الميلادي . طوال هذه الفترة أحتفظ النوبيون بلغتهم الأم ، والتي وإن تأثرت باللغة العربية لارتباطها بتعاليم الدين والعبادات الإسلامية، بالإضافة إلى التزاوج الذي تم بين العرب الوافدة والنوبة ، إلا أنها أثرت في العربية السودانية بمفرداتها أيضا ، ولم تشهد النوبية الإضمحلال إلا بعد أن تم فرض اللغة التركية ثم الإنجليزية ثم العربية كلغة رسمية في السودان الحديث ، بينما تضمحل بصورة متسارعه في مصر رغم المحاولات النوبية في شمال الوادي .
من هم مشاهير النوبة ؟ القائد الثائر (محمد أحمد المهدي) (1844 -1885م) قائد الثورة المهدية (أدعى أنه المهدي المنتظر) وقام بتحرير السودان من الاحتلال التركي الإنجليزي وأقام الدولة المهدية (1884 – 1898م) على أسس دينية إسلامية تؤكد مهديته . أ.د / محمد إبراهيم أبو سليم ( 2004 - 1930 ) رائد التوثيق السوداني ، مدير ومؤسس دار الوثائق السودانية ، حيث أسهم في جمع نحو ثلاثين مليون قطعة وثائقية وأرشيفية ، له أكثر من ستين مؤلف ، في التاريخ والمخطوطات والوثائق . أ.د / عون الشريف قاسم (1933 -2006م) وزير الأوقاف الأسبق ، ألف نحو 70 كتابا في مجالات الفكر والأدب، أشهرها «موسوعة القبائل والأنساب»، و«الإسلام والبعث القومي»، و«الإسلام والثورة الحضارية»، وكتاب «الإسلام والعربية في السودان»، ويعرفه الأدباء والنقاد بأنه واحد من أهم أعمدة الثقافة والفكر والأدب في السودان إلى جانب الراحلين، البروفيسور عبد الله الطيب، ومحمد إبراهيم أبو سليم . د. سعاد إبراهيم أحمد -( 1935 - ) العمل : صحفية متفرغة . محاضرة بمعهد الدراسات الإضافية (1964) مستشارة بهيئة اليونسكو (1985).عضو مؤسسة مركز التراث النوبي . عضو الاتحاد النسائي السوداني منذ عام 1952 ، والجبهة الديمقراطية ، واتحاد تعليم شرق ووسط أفريقيا . عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي السوداني . الفنان الموسيقار / محمد عثمان وردي . يغني باللغة النوبية والعربية ، عضو مؤسس مركز التراث النوبي ، اختير فنان أفريقيا الأول في مصر الفنان / محمد منير . مغني وموسيقي وممثل يغني باللغة العربية والنوبية .