عدد المساهمات : 164 نقاط : 418 تاريخ التسجيل : 23/10/2009 العمر : 53 الموقع : نادي ماري العام
موضوع: نبذة عن قرى نوبية الجمعة أكتوبر 30, 2009 2:44 pm
وفي عام 1902 عند بناء خزان أسوان ارتفع منسوب المياه خلف الخزان إلي 106 أمتار فأغرق مساكن ومزارع عشر قري نوبية هي دابور ودهميت وأمبركاب وكلابشة وأبو هور ومرواو وقرشة وكشتمنة شرق وغرب وجرف حسين والدكة، وهكذا غرقت الأشجار والنخيل وبعض الماشية أيضاً وتحمل أهل هذه القري آثار بناء الخزان وحدهم ودون تعويض ولا يحزنون.
ثم حدثت التعلية الأولي للخزان بعد ذلك بعشر سنوات أي في عام 1912 حيث ارتفع منسوب المياه هذه المرة إلي 114 متراً فتسبب ذلك في إغراق ثمان قري نوبية جديدة هي قورته والعلاقي والسيالة والمحرقة والمضيق والسبوع ووادي العرب وشاترمة، ومرة أخري لم تهتم الدولة بكارثة تلك الأعداد المتزايدة عن أبناء البلاد الذين فقدوا منازلهم وحقولهم وبيئتهم الطبيعية في سبيل ولصالح الوطن.
ومضت عشرون عاماً أخري لتجئ التعلية الثانية لخزان أسوان في عام 1932 حين غرقت عشر قري جديدة هي المالكي وكروسكو والريقة وأبو حنضل والديوان والدر وتوماس وعافية وقتة وإبريم وجزيرة إبريم، بينما أضيرت القري النوبية الأخري الباقية، وهنا بدأ النوبيون يئنون بالشكوي وبعد سنة أصدرت الدولة القانون رقم 6 لسنة 1933 الخاص بنزع ملكية أراضي النوبة وتقدير التعويضات اللازمة لمواجهة كوارث الأعوام الماضية. ومن مضبطة مجلس الشيوخ في جلسة 29 فبراير 1933 تجيء كلمات شفيق باشا وزير الأشغال الذي يبرر لماذا لم يتم الانتظار حتي تتم نزع ملكية الأراضي النوبية وتعويض أهاليها بالطريقة القانونية قبل غمرها بالمياه فيقول: »أنفقت مصر الملايين علي إنشاء خزان أسوان وتعليته وكل حضراتكم متشوق بالطبع إلي زيادة المياه، فلو أننا انتظرنا خمس سنوات حتي تتم إجراءات نزع الملكية بالطريقة القانونية لحرمنا إذن مصر من المياه حرماناً مادياً بدون مبرر، فاتباعنا القانون العادي في إجراءات نزع الملكية هو حرمان مصر من المياه طول هذا الزمن، وإذا مكننا القانون المذكور من وضع اليد في الحال علي الأطيان فإنه لا يمكن لا للقضاء ولا للخبراء ولا أصحاب الشأن من معرفة معالم الأرض بعد غمرها في نوفمبر المقبل«.
وبدأ الناس يشعرون بمحنة أهالي النوبة وذلك بعد أكثر من 30 عاماً من الكوارث المتتالية خاصة بعد أن اتضح هزال قيمة التعويضات التي صرفت لهم وفق القانون المذكور، وفي عام 1936 حمل نائب النوبة في البرلمان عبدالصادق عبدالحميد طلب أهالي النوبة بإعادة النظر في التعويضات التي صرفت لهم، فتبني مصطفي النحاس (باشا) رئيس الوزراء مطالب النوبيين فأعلن في خطاب العرش أن حكومته »ستعمل علي إقامة مشروعات الري في بلاد النوبة تعويضاً عما فقدوه، وتقديم كافة الخدمات لأهلها«. لكن تلك لم تكن نهاية تضحيات أهل النوبة، فمع قيام ثورة يوليو وابتداء من عام 1953 بدأت الدراسات لإقامة السد العالي ذلك المشروع العملاق الذي نجح في حماية مصر 3 مرات من الجفاف والمجاعة التي عاشتها دول أخري مثل السودان، وبدأت مصر حملة دولية لإنقاذ آثار النوبة لكن أهالي النوبة أنفسهم لم يحظوا بمثل هذا الاهتمام الذي حظيت به آثارهم لا في الداخل ولا في الخارج، حيث تم ترحيلهم علي عجل في عامي 1963 و1964 إلي هضبة كوم أمبو وإسنا قبل 15 مايو 1964 موعد تحويل مجري نهر النيل، فترك الأهالي وراءهم الكثير من متاعهم في الوطن المهجور وحشروا في مساكن بصحراء كوم أمبو وإسنا التي خالفت مساكنهم القديمة ولم يكن بها مياه صالحة للشرب ولا كهرباء. واليوم يجري توطين غير النوبيين